قسم العرب أيام السنة الثلاثمائة خمسة وستون إلي "عِِيَنْ" وهي مرابيع النجوم
وعددها ثمان وعشرون "عينة" لكل "عينة" ثلاثة عشر يومآ
عدا "عينة" الجبهة فهي أربعة عشر يومآ
وتكون كل فصل من فصول السنة الأربعة سبع عين.
يتكون فصل الصيف من العين الآتية :
(1) النطح
(2) البطين
(3) الثريا
(4) الدبران
(5) الهكعة
(6) الهنعة
(7) الذراع
ويتكون فصل الخريف من :
(1) النترة
(2) الطرفة
(3) الجبهة
(4) الخيرصان
(5) الصرفة
(6) العوا
(7) السماك
وفصل الشتاء يتكون من :
(1) عريج
(2) الغفر
(3) الزبنان
(4) الاكليل
(5) الشولة
(6) البلده
(7) النعائم
ويتكون الربيع من :
(1) سعد ذابح
(2) سعد السعود
(3) سعد الأخبيا
(4) سعد بُلع
(5) الفرق المقدم
(6) الفرق المؤخر
(7) الحوت
وهذه العين هي أسماء نجوم ولها منازل ، يحل الفصل أو العينة بظهور النجم في شفق الصباح.
وهذا هو حسابهم وتوقيتهم الذي يعتمدون عليه. وهو حساب مضبوط دقيق.
ولنبدأ الآن مع شاعرنا ود شوراني
في غزله بمرابيع النجوم ولنعش معه حبه الذي يتجدد وتتجدد آلامه وتزداد عليه كلما دخلت عينة جديدة طوال أيام السنة.
ولنبدأ بفصل الصيف الذي بدأ به، وقبل الدخول في شعره أريد أن أوضح أن فصل الصيف عندهم يبدأ بعينة بعينة "النطح" ويوافق ذلك اليوم الحادي والعشرين من شهر أبريل في كل عام تقريبا.
الصيف
1- النطح
غَابْ نَجْم النًطِحْ والحَرْ علينا اشْتَدً
ضَيًقْنَا وقِصِرْ ليلُه ونِهَارُه امْتَـــــدً
نَظِرة المِنو لِي القَانُون بِقِت اتًحدي
فَتَحَتْ عِندِي مَنطِقْة الغُنَي الْ انْسَدً
يقول ود شوراني أن الصيف قد دخل بأوله (عِينةِ) "النطح" فاشتد الحر وضيق علي الناس سكني البيوت ، حتى بيوت الشعر التي يسكنونها في تلك الفجاج.
ويورد ود شوراني من خصائص فصل الصيف ليله القصير ونهاره الطويل "قصر ليله ونهاره امتد"
بدأ ود شوراني غزله العلمي مع بداية فصل الصيف وهاهو يذكر السبب الذي جعله يقوم بهذا المجهود الكبير الذي لم يسبق عليه-
وهو يقول شعره الغزلي علي مر فصول السنة- فالسبب هو نظرة من حسناء ذهبت بعقله وجعلته يتحدي القانون .. القانون العرفي الذي يعرفه هو ، فيقول ان هذه النظرة "نظرة المنو للقانون بقيت اتحدى" قد ايقظت في نفسي موهبتي الشعرية "فتحت عندي منطقة الغني ال انسد"
فهذا الميدان لم يكن معروفآ لدي بقية الشعراء . كان مسددا لا يصل إليه خيالهم، وكان بعيدا عن خيال ود شوراني نفسه لو لا تلك النظرة التي فتحت له الطريق .
وها قد غاب نجم النطح فماذا بعده ؟
(2) البطين
شَالْ بَرْق البِطين رَقَصَنْ دَبَادْبُه ورشًو
وِينْ النايرة -يا خِلاًيْ- مِرايةْ وَشُـــــــو
عَاشقِي العِندُو حَقْن المُويَة ضَايِق خَشُو
سَهْرَان فَاقْدو بِي عِلًيقُو لَيْ وغَشُو
تهطل الأمطار في فصل الخريف عادة ولكن في بعض السنين تهطل في الصيف.
ويقولون عندما يكون الأمر كذلك "نتج الصيفي" والاحتمال الغالب هو أن تظهر البروق في فصل الصيف دون هطول أمطار.
والحر في فصل الصيف يضيق الحياة علي كل مخلوق حتى الدواب والحشرات فتخرج الثعابين من أجحارها لشدة الحر وتلجأ إلي الأشجار .
وهاهو ود شوراني يمثل هذه الصورة حين حلول عينة (البطين) التي قد ينزل فيها مطر خفيف في الغالب فيقول "شال برق البطين رقصن دبادبو ورشو" فكل شيء تحرك من مكانه ومسكنه لشدة الحر، وكذلك تحرك قلبه شوقا إلي محبوبته التي يمثل وجهها بالمرآة النائرة فيتسائل
" وين النايرة -يا خلاي- مراية وشو" يتسائل عن حبيبه الذي يعرفه جيدا فهو كثير الوعود مخلفها ، كما هي طبائع الحسان وها هو يورد هذه الحقيقة في أسلوب من صميم البيئة التي يعيش فيها "عاشقي العندو حقن الموية ضايق خشو" فهم يخمرون اللبن حتي يصير "روبا"
ثم يفرغ أو يحقن في "سعن" مصنوع من الجلد ويهز لمدة طويلة يستخرج منه الزبد ويبقي
"الروب" يستعمل للطعام وهذه العملية اسمها "هز الروب" أو "خش الروب" ويبدو أن كلمة "خش" تصويرية ناتجة عن الصوت الذي يحدثه الهز.
فماذا نال ود شوراني من محبوبه ؟
نال ما يناله الذي "يهز الماء" (عاشقي العندو حقن الموية ضايق خشو)
ورغم كل ذلك يقول ود شوراني أنه افتقده كثيرا . "رغم الغش" ورغم "التعليق" وخلف الوعود.
لأن الذي فتح عنده هذه المنطقة من الشعر التي لم يسبق عليها ما هو إلا نظرة من حبيبه هذا لا أكثر
لذلك فه يكتفي بالنظرة ولا يأبه بخلف الوعود كما يقول "سهران فاقدو بي عليقو لي وغشو".
تعليق