محمد ود الرضي «ليلة السلام يا روح البدن»

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محمد ود الرضي «ليلة السلام يا روح البدن»

    يُحكى أن الراحل د. عبد الله الطيب قال:«ان (ام ضبان) -ويعني
    ام ضواً بان- أتت بمستحيلين، أولهما محمد ود الرضي، والذي
    جاء بستة عشر مفعولاً في بيت شعر واحد، وتخطى بذلك الخليل
    صانع العروض، والثاني الشيخ صالح بن تاج الدين الذي سبَع البردة،
    فتخطى كل الذين صاغوها من قبل»..

    والبيت الذي قاله ود الرضي وعناه د. الطيب هو:
    قدلة هيبة قادل وحاكم.. دلى اليمنى ومشى متاقل.. الخ.

    انه الشاعر محمد ود الرضي الذي عاش في الفترة من 1884 -1982م،
    وشغل مساحة مقدرة في ذاكرة الغناء السوداني عبر مختلف المراحل،
    ممتلكاً لناصية الكلمة الرقيقة ليرسم بها صوراً تنبض بالحيوية والعنفوان
    والعافية والجمال..


    مائة أغنية
    نظمت ليلة بالنادي العائلي بالخرطوم (2) و كانت ليلة مشهودة
    أمها جمع غفير من عشاق شعر ود الرضي وأغنياته، تقدمهم الأستاذ
    سيد هارون وزير الثقافة والاعلام بالولاية راعي الليلة، والإمام الصادق
    المهدي وعدد من الشعراء والأدباء ووجوه المجتمع الذين ضاقت بهم
    جنبات النادي العائلي..

    وحملت الليلة اسم (السلام يا روح البدن) وهي احدى اشهر أغنيات
    ود الرضي، التي من بينها (أحرموني ولا تحرموني) و(متى مزاري)
    و (ست البيت)، (نسايم الليل)، و(من الاسكلا وحلا)، (نوم عيني)،
    (الناحر فؤادي)، (يلوحن لي حماماتن)، وغيرها من الأغنيات التي
    أصدرها في ديوانه الذي أصدره في العام 1973 وحوى مائتي قصيدة
    من بينها مائة قصيدة مغناة وعشرون رمية، اضافة إلى ثلاث وعشرين
    قصيدة وطنية تناولت حب الوطن والحث على العمل، والاشادة بالجيش،
    وموقعة كرري، اضافـة لطائفة من الشعـر الاجتماعي، والاخـوانيات،
    والمدح والرثاء والدوبيت.

    أغنيات وأمنيات
    فرقة الخرطوم جنوب استهلت الليلة بعزفها لمقطوعة (السلام يا روح
    البدن)، ومن ثم بدأت افادات اسرة الراحل عن حياته وسيرته الذاتية،
    التي بدأت ابان العهد التركي وعاش في المهدية وفي فترة الاستعمار،
    وشهد الاستقلال وتعاقب الحكومات الوطنية منذ عهد الزعيم الازهري
    إلى ما يقارب نهاية حكم نميري..

    وعاصر ود الرضي الطمبور ومولد أغنية الحقيبة، والغناء الحديث وأسهم
    مع زملائه الشعراء في تأسيس الأغنية السودانية..
    ويعد ود الرضي حالـة ابداعية استثنائية تجمـع بين طمأنينة الـروح في
    الايمان العميق، وقلق الوجدان في البحث عن المعاني والقيم الفنية
    التي تسابق الخيال، لذا تمكن ود الرضي من قلوب الناس مازجـاً بين
    القـدرة على التطريب الجامـع، والامساك بخيوط الفضيلة الرفيعـة،
    يغترف من معرفته الدينية الثرة، ويخلطها مع تجاربه اليومية القلقة،
    ويدفعها بمهاراته الابداعية الفائقة، ويصوغها باسلوبه الجزل الجذاب،
    فتمشي بين الناس أغنيـات وأمنيـات تصنع التاريخ دون أن تعيقـها
    الجغرافية التي طوعها من الأسكلا في العاصمة إلى جبل الرجاف
    جوار جوبا.

    الطابق البوخة
    الفنان مبارك حسن بركات استهل أغنيات ليلة (السلام يا روح البدن)
    بأغنية (ست البيت) رائعة الراحل ود الرضي، تبعه الفنان ابراهيم
    خوجلي بأغنية (متى مزاري)..
    متى مزاري أوفي نذاري
    واجفوا هذا البلد المصيف
    يا خصيب السوح امتى اطوفك
    وتستريح الروح في قطوفك
    ياحبيبي ان شاء الله اشوفك
    في نعيمك وظلك وريف..

    وواصل ابراهيم خوجلي فأردف الأغنية برمية ود الرضي الشهيرة :
    الطابق البوخة
    قام نداهو يهتف
    نام من الدوخة
    ايدو عاقباه جدلة مملوخة
    لي معالق الجوف
    موسو مجلوخة

    ترحال دائم
    ومن ثم تواصلت سيرة ود الرضي العطرة تنثال بين الناس.. فقد حفظ
    ود الرضي القرآن بأم ضواً بان، ودرس الفقه وعلوم الحديث، ثم انتقل
    إلى العاصمة وألتقى بالخليل هناك، وكانت حياته مليئة بالترحال، فهو
    ولد بالعيلفون وتعلم في ام ضواً بان، ثم عمل مع والده في الزراعة
    بمنطقة العسيلات، وهجرها ليعمل رئيس عمال في بناء خزان سنار،
    ثم بائعـاً للقرع بالعاصمة، وكاتبـاً في الري المصري، وأمين مخــازن
    بالوابورات في الخرطوم بحري، ثم مرة أخرى إلى الزراعة بالعسيلات،
    ثم مزارعاً في شمال مشروع الجزيرة، ثم صاحب دكان في ام ضواً بان،
    ومن بعدها المسعودية، كان ود الرضي دائم التنقل بين القرى على
    شرق وغرب النيل الازرق واحياء العاصمـة، يزين المجال بالشعــر
    والطرافة وخفة الروح والدعابة التلقائية والابتسامة..

    ظلال الصوفية
    وتواصلت الليلة ليغني (الكورال) أغنية (نوم عيني)، وتلاه شكر الله
    عز الدين بأغنية (نسايم الليل):
    يا نسايم الليل أشهدي
    على لوعتي وتسهدي
    على بكاي وتنهدي..
    يا عيني أبقي ترصدي
    عسى توجدي ما تقصدي
    مهما جرح قلبي الصدي
    هو برضو غاية مقصدي

    وهي من أغنيات ود الرضي التي نلمح فيها حالة ابداعية استثنائية
    تجمع بين طمأنينة الروح في الايمان، وقلق الوجدان في البحث عن
    المعاني والقيم الفنية التي تسابق الخيال، شأنها شأن كل قصائده
    التي سكب فيها من ثقافته وشاعريته، ولعل أهم المنابع التي كونت
    ثقافته اسهمت في شاعريته وصقـل موهبته هي حفظـه للقــرآن
    والحياة التي عاشها تحت ظلال الصوفية واتصاله بالعلمـاء الدينيين
    وحياته وسط المجتمع الريفي بتقاليده وأشعاره..

    وجاء الفنان أبو بكر سيد احمد ليغني:
    تيه واتاكا..
    مراض وصحاح
    مقلو الفتاكا
    تهادى براكا
    ميل يابان المصري اتاكا
    ظبي الرام
    التجي طالباكا
    اولى بيها انا.. وبغضاكا
    تيه واقضي قضاكا
    ألاقي رضاي..
    ورضاي في رضاك
    وهذا تمام..
    الختام
    وواصل ابو بكر فغنى (ليالي الخير جادن) التي غناها دويتو مع الفنان
    ياسر وجاء محمد خضر بشير ليغني (الناحر فؤادي) وهي ذات الأغنية
    التي رددها والده الراحل خضر بشير، وألهب محمد حماس الجمهور
    وهو يرددها بنفس طريقة والده.. لتختتم الليلة مع الفنان الكبير حمد
    الريح الذي رافقه كل الفنانين، في ختام اروع ما يكون لليلة الراحل
    الرائع محمد ود الرضي.




    لِن أغيّــر مَــن نفسـِـي
    لأجٍـل أي شخـِص
    ولـن أعبِــث بشخِصيتـي لآرضّي الاخريـِن
    أنَ لِـم تعِجبـك شخصيتـي!!
    ليِست مشكّلتــي فغـِــيرك يعشقهــَــا..


  • #2


    الشاعر محمد ود الرضى كما قال السفير د / هاشم عبد الرازق ليس بشاعر و إنما حالة شعرية وشعورية ممتدة انبجست من منابع ثرة دفاقه السلسبيل ، كانت بداية الحالة حينما أدار الفكي الصغير محمد وجه لوح قرآنه يسطر علي ظهره أول منشور شعري نصه:
    شيخنا قال لينا إتو حرفتو
    أراكم يا مباديل كلكم هفتو
    شيخنا إت كان شفتو
    تجدع الكراس و الفكي تكفتو

    تعليق

    يعمل...
    X